الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الذهيبة وبـن قـردان: مطالب مشروعة، لـكـن حـذار مـن الارهـاب وحـلفـائـــــه

نشر في  11 فيفري 2015  (09:33)

بقلم: محمد المنصف بن مراد


منذ أربعة أيّام اشتعلت نيران العنف في ولاية تطاوين خاصّة في الذّهيبة وبن قردان حيث قتل الشاب صابر مليان بالرصاص (رحمه الله)، ليتظاهر عدد كبير من سكّان هذه الولاية مطالبين بالتنمية والتخلّي عن الأتاوات المفروضة على الأشخاص عند عبور الحدود..
وهنا لابدّ من التأكيد بأنّ كل الولايات المقصية من التنمية الشاملة منذ 50 سنة لها الحقّ في التعبير السلمي عن شواغلها ومطالبها، ذلك أنّ كل الحكومات المتتالية لم تهتمّ إلا بتنمية الولايات الساحلية عوضا عن اعداد مخطّطات تشمل كلّ جهات الجمهورية، وتجدر الإشارة الى انّ اتحاد الشغل كان أعدّ دراسات قيمة لتنمية المناطق المهمّشة لكن الحكومات المتعاقبة لم تحرّك ساكنا ولم تشرك بصفة جدّية  وفعّالة نخب الولايات المقصية وكوادرها في اعداد برنامج شامل للنهوض بها، فقد أقصتهم وعمدت الى فرض سياسة تنموية  غير عادلة أعدّها ببيروقراطيون من العاصمة، فهل يعقل ـ وهذا على سبيل المثال ـ أن تنتفع الدولة التونسة بكل مداخيل فسفاط قفصة طيلة 50 سنة (ما يناهز 60،000 مليار من مليماتنا) دون ان تخصّص ولو 20 ٪ لتنمية هذه الولاية؟ لقد عوّض «الاستعمار الوطني» الاستعمار الأجنبي في استغلال بعض ثروات البلاد، حيث ظلّت الدولة تحتكر عائداتها بينما يحرم أبناء الجهات المقصية من حقم في التنمية.. والمطلوب ـ اليوم ـ هو تمكين كل ولاية مهمّشة من إعداد استراتيجية تنموية تضع القوى الحيّة في الجهة تصوّرا لها على أن يكون تمويل المشاريع بمجهود وطني مع توظيــف 30 ٪ من مداخيل الثروات المنجمية أو البتروليّة لفائدة الولايات المنتجة، ثم على الحكومة أن توقف كل مشاريع البنية التحتية التي لم تبلغ نسبة انجازها 50 ٪ في المدن الكبرى (لا الأحياء الشعبية) لتحوّل الاعتمادات المرصودة لها الى هذه الولايات حتى يشعر موطنو الولايات المحدوديّة بأنّ كل التونسيين متكافئون في الحظوظ، لكن لا أظنّ انّ حكومة الحبيب الصيد قادرة على اتخاذ هذا النوع من القرارات بما أنّ أغلب وزرائها من الشق الليبيرالي وبالتالي فهم لا يمتلكون ـ عموما ـ رؤية اجتماعيّة عادلة وشاملة! وإذا لم تستجب الحكومة لهذه الطلبات فستعرف بلادنا حالة من عدم الاستقرار واضطرابات خطيرة لأن سكان هذه الولايات ملّوا تجاهل الدولة لطلباتهم وقد عبّروا عن غضبهم مرارا وخاصة سنة 2008 عند اندلاع أحداث الحوض المنجمي بقيادة نساء ونقابيين من بينهم عدنان الحاجي.. ثم تكرّرت هذه المظاهرات سنة 2010 ولكن لا حكومة السيد المهدي جمعة ولا حكومة الترويكا أخذتا القضية مأخذ الجدّ وأولتاها ما تستحقّ من اهتمام وعناية..
والمضحك المبكي أننا نسمع اليوم المنصف المرزوقي وعماد الدايمي وعبد الرؤوف العيادي وعلي العريض يساندون مطالب أهالي ولاية تطاوين في حين أنّهم لم يفعلوا شيئا عندما كانت أقدامهم في الركاب والسلطة بأيديهم، فكفانا دموع تماسيح وتوظيفا لآلام أبناء هذه الجهة لأغراض سياسوية.. انّ استغلال دماء شهيد وغضب الأهالي أمر يدل على فقر في الأخلاق لدى أغلب قياديي أحزاب الترويكا.. بم نردّ على علي العريض وزير الداخلية والوزير الأول الأسبق عندما يساند المطالب في تطاوين ويدعو الى التحقيق في ملابسات أعمال العنف وهو الذي كان مسؤولا حكوميا حين قتل شكري بلعيد ومحمّد البراهمي، دون أن ننسى استعمال الرش ضد أبناء سليانة، وفضلا عن ذلك، وكالعادة تمّ تجاهل ملفّ تنمية الولايات «المهملة».


..وأمّا عماد الدايمي ورياض الشعيبي المنشقّ عن حزب النهضة  فقد أكّدا انّ النخب في تطاوين وبعض الجهات الليبية يطالبون  الحكومة التونسية بالتعامل مع حكومة المؤتمر العام (أي أنصار الشريعة) في ليبيا والابتعاد عن الحكومة التي وقع انتخابها من قبل الشعب الليبي ويساندها جيش خليفة حفتر ..ولو ابتعدت حكومتنا عن الحكومة الليبية الحالية  ـ ودائما حسب الدايمي والشعيبي ـ  فقد تتحسّن الأوضاع في ولايات الجنوب لا سيما في تطاوين! فما هذا الكلام؟!! وهل يعي الدايمي والشعيبي ومن معهم انّ السياسة الخارجيّة للحكومة لا يقرّرها الارهابيون ولا «نخب» ايّ ولاية بل مصالح تونس وحدها ودون سواها!  ثم لماذا يعلّق المنصف المرزوقي على  أحداث الذهيبة وبن قردان؟ ماذا فعل لفائدة هذه الولاية عندما كان رئيسا للجمهورية؟ طبعا لا شيء فكفاكم نفاقا.
وفي الختام لابدّ من الحذر من اندساس الارهابيين والفاسدين بين المتظاهرين فذلك من شأنه أن يؤجّج نيران الفتنة وأن يكون معبرا نحو الحرب الأهليّة وتمرير الأسلحة وتسلّل الارهابيين انطلاقا من التراب الليبي.. نحن لسنا أغبياء ومن واجب امن تونس وجيشها ان يتصدوا ـ بكلّ حزم ـ للارهابيين ويقطعوا الطريق على ظهور امارة اسلامية في الجنوب أو في الشمال.. لقد أكد أغلب الأمنيين الجمهوريين انّ الارهابيين وحلفاءهم سيحاولون استغلال الغضب المشروع لسكان ولاية تطاوين ليعوّضوا الحكومة المركزية ويفتحوا أبواب تونس أمام العصابات الدّينية الاجراميّة المتمركزة حاليا على الأراضي الليبية.. انّ على الدولة التونسية ألا تسدّ آذانها عن مطالب الولايات المقصية، لكن عليها ايضا ان تفرض وحدة التراب التونسي وشعب هذه البلاد ضد التطرّف والظلامية..
فحذار كذلك من حكومة مائعة متسامحة مع كلّ تهديد يستهدف بلادنا وحرمة ترابها ووحدة شعبها!